وصلت إلى السودان في أغسطس 2019 بالتزامن مع توقيع الوثيقة الدستورية. المهمة التي قبلت بتوليها ديسمبر الماضي أصبحت الآن مهمة مختلفة تمامًا. نجح الرجال والنساء والشباب السودانيون في فعل ما لا يمكن تصوره — فقد أطاحوا بشكل جماعي بنظام فاسد وقمعي وطالبوا بأن يكون مستقبلهم ينعم بالسلام والعدالة والحرية.
بعد ثلاث سنوات، ربح السودانيون الكثير وخسروا مثله. آمل ألا تكون الخسارة نهائية . كانت أولوية المملكة المتحدة في عام 2019 بذل كل ما في وسعنا لدعم التحول الديمقراطي في السودان. بالنسبة لي ولفريقي العامل، كان ذلك يعني المساعدة في إنشاء مكتب رئيس الوزراء، ودعم الوزراء الجدد في وزارة المالية، العمل، التنمية الاجتماعية، العدل والحكم الفيدرالي من بين آخرين. كان الزخم فيها ملموسًا.
بدأ المجتمع الدولي في التحرك. وكنت أقود جهود المملكة المتحدة وأعمل جنبًا إلى جنب مع مانحين آخرين للالتزام بتعهدات بلغت أكثر من 500 مليون دولار من أجل برنامج دعم الأسر السودانية (ثمرات)، حيث كانت مساهمة المعونة البريطانية أكبر مساهمة ثنائية وتعدت ال100 مليون دولار. أدى هذا التحرك إلى إسقاط أول حجر من أحجار الدومينو والتي تتالت نحو تسديد متأخرات السودان للبنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي وصندوق النقد الدولي، مما فتح الباب لجمع أكثر من 3 مليار دولار في شكل تمويل جديد للتنمية في مجالات مثل الكهرباء والزراعة والتعليم والصحة. نفذ السودان إصلاحات اقتصادية حدت من ارتفاع التضخم وانخفاض قيمة العملة. وفي وقت قياسي وصل السودان إلى أول مرحلة بارزة في تخفيف أعباء الديون حيث وافق أعضاء نادي باريس على شطب أكثر من 14 مليار دولار من ديون السودان الخارجية البالغة 56 مليار دولار التي تراكمت على النظام السابق. كان هناك الكثير من العمل يلزم تحقيقه من أجل المستقبل، لكنها كانت بداية جريئة لتغيير مسار الاقتصاد والبدء في تنمية مُلحة وتوفير الفرص للشباب والترحيب بعودة السودان إلى المجتمع الدولي.
قلب انقلاب 25 أكتوبر 2021 التقدم في الاقتصاد والسلام والعدالة. يستمرعمل المعونة البريطانية (UKAid) لأننا نعلم أن أوضاع المواطنين السودانيين تزداد سوءًا بكل المقاييس تقريبًا. لقد أنفقنا أكثر من 250 مليون جنيه إسترليني في السنوات الخمس الماضية على المساعدات الإنسانية لتزويد أكثر من مليوني شخص بالمساعدات الغذائية المنقذة للحياة والمساعدات الطبية والإغاثة الطارئة واستثمرنا في المجتمعات المحلية في دارفور لمساعدة المزارعين على زيادة الدخل من محاصيلهم. كما اتفقت المملكة المتحدة مع مانحين آخرين مؤخرًا على إعادة تخصيص 100 مليون دولار من البنك الدولي لبرنامج الغذاء العالميلضخ تمويل إضافي لمجابهة الحاجة الملحة لـ 11.4 مليون سوداني يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد.
أنا فخورة للغاية بجهودنا المستمرة للقضاء على تشويه الأعضاء التناسلية للإناث وزواج الأطفال، حيث يتلقى السودان أكبر دعم لهذه الجهود على مستوى العالم. نحن بصدد توسيع هذا العمل للوصول إلى قادة أكثر شجاعة من النساء والرجال الذين أصبحت مجتمعاتهم خالية من تشويه الأعضاء التناسلية للإناث.
نواصل توفير المياه الصالحة للشرب وبأسعار معقولة في الفاشر والجنينة ونقوم بتوسيع هذه الجهود للتركيز على وضع المياه المتدهور في بورتسودان. نستمر في دعم مجتمع مدني نابض بالحياة ووسائل إعلام حرة. في الأسبوع الماضي، التحق أكثر من 8000 مشارك من جميع أنحاء السودان في الدورة التدريبية المجانية عبر الإنترنت لمؤسسة طومسون حول اكتشاف المعلومات الخاطئة ومكافحتها. كما نواصل دعمنا الدبلوماسي ودعم المملكة المتحدة للعدالة الانتقالية والسلام. ما زالت المملكة المتحدة شريكًا ثابتًا للشعب السوداني.
أخيرًا، حظيت بفرصة للعمل كقائم بالأعمال لمدة أربعة أشهر في عام 2020. كانت فترة مليئة بالأحداث نسبة للعمل مع الترويكا لدعم اتفاقية سلام جوبا (JPA) والاستعدادات لزيارة وزيرة المملكة المتحدة لشؤون افريقيا لإعادة الحوار الاستراتيجي بين السودان والمملكة المتحدة. ومع ذلك، كان الحدث الأبرز حتى الآن هو حفل وداع الحائزين على منحة شيفنينغ في السودان المغادرون إلى المملكة المتحدة لمدة عام لإكمال الدراسات العليا. يمنحني هؤلاء الشباب المميزون الإيمان بأن هناك مستقبلًا أكثر إشراقًا للسودان.
لحسن الحظ ، لم تكن السنوات الثلاث الماضية كلها عمل بلا راحة. إن تنوع السودان وتراثه الثقافي وفنونه الإبداعية غير عادية. لديّ لوحات عزيزة سآخذها معي إلى منزلي التالي وسأفتقد أن أبدأ كل يوم بكوب من عصير الجريب فروت الأجمل على الاطلاق على هذا الكوكب. سأحمل معي الصداقات العميقة التي نشأت خلال ابتهاج الفترة الانتقالية، والحسرة التي أعقبت ذلك، والإصرار الذي ظهر مرة أخرى لصنع مستقبل أفضل للشباب والشابات في السودان. لقد كانت ثلاث سنوات مليئة بالتحديات والشعور بالتواضع ، لكنها كانت قبل كل شيء امتيازًا هائلاً حظيت به.
اعتقدت أنه من الحكمة ألا أشرب من النيل ، لكني كلي أمل في أن أعود.
— — —